mardi 16 août 2011

معنى الحرية

الحرية كلمة سحرية تأسر القلوب, وتنير العقول , وتحرض النفوس , وتوقيض الهمم . فهي اكسير الحياة ,وصانعة التاريخ , ومالكة الجغرافيا, واساس الدين,  وعماد السياسة ,وعاشقة الفلسفة ,واوحة للشعر ومعبودة الجماهير  . فهي شمس تنير سراديب الاستبداد , وشمعة تقدسها الفراشات.
فهي فتاة  حسناء يتهافت اليها الخطاب من كل حدب وصوب لجمالها وحسن ثغرها  كشقائق النعمان .فهي تغري عشاقها بعلمها الغزير بالماضي و الحاضر والمستقبل ,وبشعرها الذهبي الطويل , فالكل معجب بها يطلب ودها ومصاحبتها الى الابد لكنها ترفض الكل الا قليلا.
فهذا ينشد فيها شعرا,  وذاك نثرا مرصعا,  وهولاء يكتبون اسمها على الجدران بالمداد, و اولئك يسقون وردها بالدماء .
ولكثرة خطابها و حسادها تحاول ان تتوارى عن الانظار ,وتغادر القصور والارلئك ,و الحصون .وتتسلل الى الشوارع والقمم والمعابد, فيلاحقها الجميع كل بما يملك .فهؤلاء يبحثون عنها بكل  وسائل البطش و القوة , قصد اغتيالها واسكات قلبها وشرب دمائها. واخرون يجرون خلفها حفاتا يقدمون لها وردا من العشق مسقية ومخضبة بدمائهم الحمراء, وهم يهتفون باسمها ويرددون اشعارها ويمدحون صنيعا . لكنها تتوارى عنهم جميعا وتتخفى لانها ترى ان لا احد يستطيع ان يوفي لها مهرها وشروطها فهي تعلم ان الاقوياء يسعون الى اغتصابها ثم قتلها شره قتلة حتى لا يفتن حسنها الاخرين من الضعفاء , فيضلون عليها مقبلين , ولخطبتها راغبون,  ولصحبتها متوددين. كما انها تفر في وجه الضعفاء رغم علمها بمدى حبهم لها ,لانها تعلم علم اليقين انهم لن يستوفوا حقها من الاحترام و التقدير والتعظيم و الوقار في حقها وفي حقا خواتها من العرائس : كالمساواة و الكرامة و العدل و التضامن و الايخاء و الايثار و المحبة و السلام و التسامح و الوفاء ................تلك شروط الحرية.
فالاقوياء يريدونها مقيدة بسلاسل من من القوانين يستبيحونها ويستمتعون بها دون غيرهم .اما الضعفاء فيريدونها بلا قيد ولاشرط يجعلونها باغية بينهم فيستحلونها بينهم , ليلا ونهارا, سرا وجهارا,لكن نفسها الزكية وروحها الطاهرة تأبى عليها ذلك من الرضوخ, لا الى هؤلاء ولا الى هؤلاء, فتتوارى عن الانظار ,وتختفي بين الجبال ,وتحت الاحجار, وفوق الاشجار , فيخرج الجميع ليبحثوا عنها في الشوارع ,و الصحاري, وفي الاعماق وفوق السحاب , حتى اذا اعياهم البحث اخذ كل فريق يلوم الاخر في فقدها و اختفائها , فيسخط الضعفاء على الاقوياء فينادنهم بارذل الاوصاف, فيرد عليهم الاقوياء بالعصي و القنابيل ,فتسقط الارواح وتزهق نفوس الابرياء فتنادي الحرية باعلى صوتها يا مجنين اوقفوا الحرب اوقفوا الدمار لكن صخب الحرب وازيز الطائرات وهدير الدبابات وانين الجرحى و المعطوبين وصراخ اليتمى والارامل , يمنع سماع صوتها فتتوارى عن الحجاب ويسدل الليل اسداله  ويعم الظلام ,ويبدا الجميع يبحثون عن ملجأ يأويهم حتى الصباح. صباح جديد وغذ افضل تحقن فيه الدماء ويعم السلام ويقبل الجميع بالصلح, فالصلح خير . على اساس ان  يعرف كل ذي حق حقه فيتشبت به , وكل ذي واجب فيلتزم بواجبه  , اذ لا حق بدون واجب ولا واجب بدون حق.  انذاك يحق للحرية ان تفرح بعيد ميلادها بحضور الجميع.
     

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire